شخصية ابن الذهبي، المستكشف والعالم العربي العُماني

تم تقديم هذه الشخصية التاريخية من الحضارة العربية الإسلامية (القرنين العاشر والحادي عشر) في البيت العربي / مدريد في 3 /10/ 2025، في إطار «نظرة على: عُمان»، من قبل محمود العبري، الأمين العام للجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، وخالد المعمري، الأستاذ المساعد في كلية التربية والآداب بجامعة صحار
أبو محمد الأزدي، عالم الفيزياء والطب، أبو محمد عبد الله، المعروف بابن الذهبي. يُعدّ من أهم الشخصيات التاريخية، وكان له تأثيرٌ كبيرٌ على عصره بفضل علمه وهو العالم والطبيب
ابن الذهبي، ولد في صحار بسلطنة عُمان في نهاية القرن العاشر – توفي في الأندلس في مدينة بلنسية سنة 1064
كان مستكشفاً وملاحاً وعالماً، تعكس حياته وإرثه روح المغامرة والتقاليد البحرية العريقة لوطنه. وقد فتحت رحلاته، التي ربطت المحيط الهندي بآفاق بعيدة، طرقاً للتبادل الثقافي والتجاري، ربطت، مع مرور الوقت، بشكل غير مباشر، سواحل شبه لجزيرة العربية بالبحر الأبيض المتوسط وشبه الجزيرة الإيبيرية. ويذكرنا هذا البعد بأن عُمان وإسبانيا ، على الرغم من فصلهما بالبحار والقارات، قد اشتركتا لقرون في العديد من التدفقات الثقافية والعلمية والتجارية، حيث تُمثل شخصيات مثل ابن الذهبي النسيج المشترك لتاريخ مشترك اتسم باللقاء والتفاهم المتبادل
سلطنة عُمان تاريخٌ عريقٌ وفريدٌ من الإسهامات الثقافية والعلمية التي تركت أثراً بالغاً في الحضارة الإنسانية على مرّ العصور. ويتجلى ذلك في إدراج منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) شخصياتٍ عُمانيةٍ ضمن قائمة الشخصيات التي تركت بصماتٍ عميقة في مجالاتٍ متنوعة، كالأدب والطب والعلوم والتاريخ والفلسفة. وقد امتدّ أثر هذه الشخصيات العُمانية ليشمل البلاد والعالم أجمع، تاركةً لنا كنزاً ثقافياً يُبرز قيمة العلم والمعرفة وفخر الحضارة.
أدرجت اليونسكو ست شخصيات عُمانية مرموقة في برنامجها للاحتفال بالذكرى الخمسين أو المئوية لأحداث تاريخية مهمة وشخصيات عالمية بارزة. تُبرز هذه الشخصيات إنجازاتهم القيّمة في مجالات متنوعة، مما يعكس ثراء وتنوع التراث الثقافي العُماني. من بين هذه الشخصيات البارزة عبد الله بن محمد الأزدي (ابن الذهبي)، الذي ألّف أعمالاً في الطب والكيمياء، منها «العلل الخفية» و»كتاب الماء»، الذي أُدرج في قائمة اليونسكو عام 2015


كتابه الذي وصل إلى يومنا هذا ـ كتاب الماء

في كتابه «الماء»، الذي يُعدّ من أوائل المؤلفات الطبية العمانية، جمع عبد الله بن محمد الأزدي بين الطب واللغة العربية بأسلوب أدبي فريد. واتباعًا لمنهج الخليل بن أحمد الفراهيدي في ترتيب المداخل أبجديًا، يبدأ الكتاب بـ «الماء»، الذي اشتق منه اسمه.
لم يقتصر الأزدي على جمع الأمراض وعلاجاتها، بل ضمّن معجمه أسماء النباتات والحيوانات وأجزاء جسم الإنسان، مع تفاسيرها اللغوية والطبية والشرعية، مستشهدًا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والشعر العربي. وكان هدفه تعريب المصطلحات الطبية وتوضيح متطلبات المهنة الطبية وأدواتها.
يحتوي الكتاب على 28 فصلاً، مُطابقةً للأبجدية، ويضم أكثر من 3000 مدخل لغوي. استقى الأزدي مادته الطبية من أستاذه ابن سينا، إما شفوياً أو من كتبه، مثل «القانون» و»أدوية القلب». كما أضاف إليها تجاربه وملاحظاته الخاصة يتضمن الأمراض والعلل والأدوية، وما يُعطى من الأدوية والشفاء
قال عن كتابة ـ كتاب الماء
قررتُ أن أؤلف كتابًا يجمع بين الطب واللغة ، يتضمن الأمراض والعلل والأدوية، وما يُعطى من الأدوية والشفاء. فرتبتُه ترتيبًا ألفبائيًا، بدءًا بالهمزة، ثم الباء، ثم التاء… حتى آخر حرف وهو الياء. ورتبته على ثلاثة أجزاء ليسهل البحث فيه حسب المواضيع التي يتناولها، وليُسهل الوصول إلى الطب، فيسهل على الراغبين. وسميته كتاب الماء، أي باسم أول مقال فيه، أسوة بأبي عبد الرحمن الجليل رحمه الله