وثائقي، قصر الحمراء: كنز أخر إمارة أندلسية
وثيقة وتحفة معمارية في رأي عبده التونسي
الفيلم الوثائقي عن قصر الحمراء الذي بثته القناة الثانية الإسبانية، في رأيي، هو فيلم وثائقي ممتاز نظراً لبنيته التاريخية التي تمكنت من إظهار تقلبات هذا النصب المعماري الأندلسي الكبير. واللافت هو أنه في كل جزء من هذا التسلسل الزمني العام كل ما يتعلق بـ:
السياسة، الفتح، الدبلوماسية، الاقتصاد، العلوم، الهندسة المعمارية، الترميم، الدبلوماسية، البيئة، الحياة الاجتماعية، الحرف، الكتابة، الشعر، الترجمة، الفن، المياه، الثقافة. التدفق والتطور المعماري على مدى نحو ثلاثة قرون ومعنى الأشياء في نصب تذكاري معقد وجميل. التحدي كان ناجح جداً ككل وفي أجزائه
أن نرى كيف يصبح البرج الدفاعي مسكناً للقادة يشير إلى أنهم يشعروا بالأمان، ولكنهم في نفس الوقت معرضون للخطر
قصر الحمراء، وهو نصب تذكاري رمزي يبقى على مر الزمن شاهداً على روعة العصر النصري، يأسر من يدخل جدرانه بعظمة هندسته المعمارية وثراء تاريخه. سحرها وغموضها الذي يحيط بجوهرة التراث العالمي هذه يمكن رؤيته من خلال فيلم وثائقي يكشف أعمق أسرارها
التدمير والترميم
واللافت أن الاستشراق ينقذ قصر الحمراء من تدميره الشامل، بعد أن قام الاحتلال النابليوني بتدمير أجزاء كبيرة من هذا النصب التذكاري وكاد على وشك الانقراض، دون أن ننسى أن مهندسي الترميم الكامل؛ كانوا إسبان يتمتعون بإحساس عالٍ بالمسؤولية التاريخية
أنا شخصياً أشعر بأنني مدين لجميع المؤسسات والأشخاص الذين يعملوا بشكل أو بآخر وما زالوا ليس فقط للبحث في البنية المعمارية والفنية لهذا النصب التذكاري، بل أيضاً اظهار المخفي من الأمور الفنية والسياسية والاجتماعية التي تجعلنا نعيش في الأندلس كما كانت. حقبة مجيدة لشبه الجزيرة الإيبيرية وجزء كبير من العالم، كل هذا من خلال نصب تذكاري
تم إعلانه كموقع للتراث العالمي من قبل اليونسكو في عام 1984 ، اليوم هو النصب التذكاري الأكثر زيارة في العالم، حيث يبلغ عدد السواح ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص
في المُنتدى الثقافي العربي الإسباني (ثــيار) نشعر بالامتنان الشديد للمؤسسات والأشخاص من العلماء والباحثين الذين يكشفون لنا يوماً بعد يوم عن أفضل الأسرار المحفوظة التي يظل جمالها الأندلسي مجهولاً؛ أنت تعلم أن هذا يبهرك، لكنك لا تعرف السبب حقاً. إن الحفاظ على التراث التاريخي لأي بلد هو واجب أخلاقي تجاه أسلافنا، الذين بذلوا جهداً لإفساح المجال للمفيد والضروري والجميل في بيئة اجتماعية وثقافية حاولوا مثلنا، إعطاءه معنى للحياة
كل ركن من أركان مجمع القصر هذا يتنفس التاريخ، بدءاً من التفاصيل المعقدة لأعمال الجبس وحتى الحدائق التي تستحضر صفاء زمن آخر. ويدعونا الفيلم الوثائقي إلى اكتشاف الكنوز المخبأة خلف جدرانه، ليكشف عن المهارة المعمارية والفنية لمن بنوه. قصر الحمراء ليس مجرد مجموعة من المباني؛ هو انعكاس للغنى الثقافي والصقل الفني للعصر النصري. تحكي كل غرفة وكل فناء قصة الروعة والتقاليد، حيث تتشابك الحضارة العربية مع تقنيات البناء المتطورة. يغمرنا الفيلم الوثائقي في الشعر البصري لأعمدته وأقواسه ونوافيره، موضحاً كيف تم تصميم كل عنصر بعناية لخلق بيئة من الجمال والانسجام. خلف اسوار قصر الحمراء المهيبة تكمن أسرار تثير فضول الزوار. ويسلط الفيلم الوثائقي الضوء على الألغاز التي تحيط بهذا المكان السحري، ويكشف عن الرموز المخفية في الزخرفة والهندسة المبتكرة التي سمحت ببنائه. من الأنماط الهندسية المعقدة إلى النقوش التي تزين جدرانه، كل التفاصيل تتحدث عن الماضي المجيد الذي لا يزال يتردد صداه في الحاضر. ويثير هذا النصب الرمزي إعجاب الزوار من جميع أنحاء العالم بمزيجه الرائع من الفن الإسلامي وتفاصيله الرائعة
إن إحياء العصر النصري في قصر الحمراء يفتح نافذة على الماضي لنتعجب من عبقرية بناته. كل جدار وكل برج وكل غرفة يتنفس تراث الحضارة الأندلسية التي عرفت كيف تدمج الجمال مع المنفعة بطريقة فريدة
قائمة انباء